تمت المشاركة بواسطة : Ibrahim alkibsiii الثلاثاء، 10 أغسطس 2021


دروس من هدي القرآن الكريم

🔹في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الأول🔹

ملزمة الأسبوع | اليوم الثالث

ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ 4/2/2002م | اليمن - صعدة

〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️

هي حالات يخلقها - أحياناً - ضعف وعي ممن ينطلقون للعمل، وإن كانوا تحت راية علي (عليه السلام) ويحملون اسم جند الله، وأنصار الله لكن وعيهم، لكن إيمانهم القاصر، إيمانهم الناقص أدى إلى أن يرتكبوا جناية على الأمة فضيعة.

أولئك [الخوارج]، الخوارج هم مجموعة من جند الإمام علي (عليه السلام) انشقوا عنه في أيام [صفين] بعد أن رفع معاوية وأصحابه المصاحف عندما أحسوا بالهزيمة وقالوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فأولئك المتعبدون على جهل، الجنود الذين هم غير واعين تأثروا بتلك الدعاية! وهكذا سيحصل في كل عصر لأي فئة وإن انطلقوا تحت اسم أنهم جنود لله، وأنصار لله، إذا ما كان إيمانهم ناقصاً، سيجنون على العمـل الـذي انطلقـوا فيه، سيجنون على الأمة التي يتحركون في أوساطها، سيجنون على الأجيال من بعدهم، وهم من انطلقوا باسم أنهم يريدون أن ينصروا الله، وأن يكونوا من جنده لكن إيمانهم ناقص، ووعيهم ناقص.

إذا كان ولابد كما هو الحال بالنسبة لواقعنا والأمة في مواجهة صريحة مع اليهود والنصارى، مع أمريكا وإسرائيل ونحن في زمنٍ التضليل فيه بلغ ذروته في أساليبه الماكرة، فـي وسائلـه الخبيثـة، فـي خداعـه الشديد، فإن المواجهة تتطلب جنداً يكونون على مستوى عالٍ من الوعي. زين العابدين (عليه السلام) صاغ صحيفته بشكل دروس، في الوقت الذي هي دعاء، دروس وتوجيهات، دروس وتوجيهات وحقائق، صاغها بشكل دعاء.

هـو مـن عـرف ماذا صنع ذلك الإيمان الناقص، أولئك الجند الذين ينقصهم الكثير مـن الوعـي، أيـام جـده علي بن أبي طالب، أيام الحسين بن علي، أيام الحسن، وأيام الحسين، كـان أمامـه تاريـخ رأى فيـه مـا تركـه الإيمان الناقص من أثر سيء، الجهل قلة البصيرة، ضعف البصيرة، عدم الوعي.

أتظنون أن انتصار الدولة الأموية، وتمكنها لتقهر الآخرين، ثم تمكنها لأن تصنع أمة أخرى غير الأمة التي أراد محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يبنيها من ذلك الزمان إلى الآن؟ أنه فقط قوتهم، بل تخاذل من هم يحملون اسم جند الحق، قلة إيمانهم، ضعف إيمانهم، ضعف وعيهم. لماذا انتهت معركة صفين دون هزيمة لمعاوية، وقد كانت مؤشرات الهزيمة بدأت؟ عندما تخاذل أولئك الجنود من صف الإمام علي وتحت رايته.

لماذا وقد تحرك الإمام الحسن ليواصل المسيرة، مسيرة والده الإمام علي فآل الحال إلى أن يقف مقهوراً ويأخذ ما يمكن من الشروط لتأمين مجتمع أهل العراق، عندما تخاذل أصحابه. الإمام الحسين آلت قضيته إلى أن يقتل في كربـلاء، بسبـب مـاذا؟ تخـاذل أصحابـه، التخاذل الذي يصنعه ضعف الإيمان، قلة اليقين، انعدام الوعي.

وكان الإمـام علـي (عليـه السلام) يحذِّر، وعندما كان يحذر كان يوجه تحذيره إلى جيشه، إلى أصحابه، وليـس إلـى أولئـك إلـى جيـش معاويـة، يقول لأهل العراق: ((والله إني لأخشى أن يدال هؤلاء القوم منكم لاجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم)). كان جيش معاويـة يجتمعـون تحـت رايته لكن أصحاب الإمـام علي كانوا يتخاذلون ويتثاقلون، والتفرق قائم بينهم، لا يتحركون إلا بعد عناء وتعب شديد وتحريض مستمر.

ما الذي جعلهم على هذا النحو؟ هو قلة إيمانهم فلهذا كان زين العابدين (عليه السلام) يوم صاغ هذا الدعاء [دعاء مكارم الأخلاق] صدّره بهذه الفقرة المهمة ((اللهم بلغ بإيماني أكمل الإيمان)) فأنا رأيت ما عمله في الأمة، ما عمله في الإسلام ضعف الإيمان، ما عمله الإيمان الناقص من آثار سيئة، عدم وعي إلى درجة رهيبة أن يكون أولئك الناس الـذي بينهم علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، لكنهم كانوا عندمـا يرون أنفسهم لا يخافون علياً يأمنون جانبه، كان يكثر شـقـاقـهـم، ونـفـاقـهـم، وكلامـهـم، ومخالفاتهـم، وتحليلاتهم وتمردهم، وأذيتهم.

هكـذا يعمـل النـاس الذيـن وعيهـم قليـل، مـن لا يعرفون الرجال، من لا يقدرون القادة المهمين، لأني أنـا آمن جانب علي لا أخاف أن يقتلني على التهمة أو الظِنة كما كان يعمل معاوية، لا أخاف أن يدبر لي اغتيالاً، لا أخـاف أن يصنـع لـي مشاكـل، لا أخاف أن يوجد لي خصوماً يصنعهم من هنا أو من هنا فكانوا يأمنون جانبه.

وفعلاً من الذي سيخاف من الإمام علي أن يمكر به، أو يخدعه، أو يضره، أو يؤلـب عليـه خصومـاً مـن هنـا وهناك، كما يعمل الكثير من [المشايخ]؟ أليس الكثير من المشايخ يعملون هكذا؟ إذا لم تسر في طريقه يحاول أن يمسك عليك بعض وثائقك [بعض البصائر] ويحاول أن يوجد لك غريماً من هناك وغريماً من هنا، لترجع إليه راغماً، الناس الذين وعيهم قاصر، إيمانهم ضعيف هم الذين يعيشون حالة كهذه، كلام كثير وتحدي وتحليلات وتثاقل وتثبيط، وهم في ظل شخص عظيم كعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، لأنهم يأمنونه.

 

 

انظر إلى شخص ذلك القائد العظيم، سترى نفسك آمناً في ظله، إذاً هو الشخص الذي يجب أن أكون وفياً معه، إن حالـة الشعـور نحـوه بأنني آمن جانبه يعني أنه رجل عدل، رجل إيمان، رجل حكمة، فهذا هو الـذي يجـب أن أفـي معه أن أقف بجانبه وأن أضحي تحت رايته بنفسي ومالي، هي الحالة التي لا يحصل عليها أتباع الطواغيت حتى أبناؤهم، حتى أسرهم، حتـى أقـرب المقربيـن إليهـم لا يحصلـون علـى هذه الحالة، لأنه يعرف ربما ابنه يخدعه، يمكر به ويأخـذ السلطـة، ربمـا قائـده ذلك العظيم يخدعه ويمكر به ويأخذ السلطة، فهو يخطط له في الوقت الذي هو ينفذ مهامه، القائد يخاف، وهو يخاف، المستشار خائف منه، وهو خائف من مستشاره، هكذا، ومن يعرف الدول هكذا يكون حالهم.

الدول الطاغوتية هكذا يكون حال الناس فيها، وهكذا يخاف الناس حتى وهم يعملون لله. أليس هذا هـو مـا يحصل؟ في البلاد الإسلامية على طولها وعرضها، من هو ذلك المؤمن الذي يقول كلمة حق وهو لا يخاف، يخاف أولئك الذين هم من كان يجب أن يصدعوا بالحـق، وأن يـعـلـو رأس هـذه الأمـة، وأن يـرفـعـوا رايتها؟ لكن هكذا يصنع ضعف الإيمان. فمتى ما جاء لأهل العراق كصدام كالحجاج انقادوا وخضعوا وتجاوبوا وخرجوا بنصف كلمة، نصف كلمة يصدرها فيتجاوبون سريعاً!

لكن الإمـام علياً (عليه السلام) كان يقول: ((قاتلكم الله يا أهل العراق لقد ملأتم صدري قيحاً)) وكان يوبخهم ((يا أشبـاه الرجـال ولا رجـال)) يوبخهم، لا يخرجون ولا يتحركون، إلا بعد الخطب البليغة، والكلمات الجزلة، والكلمات المعاتبة، والكلمات الموبخة، والكلمات المتوعدة بسخط الله، والمتوعدة بسوء العاقبة في الدنيا حتى يخرجوا، فإذا ما خرجوا خرجوا متثاقلين، لأنهم كانوا يأمنون جانبه.

هل هذا هو السلوك الصحيح لأمة يقودها مثل علي؟ ثم إذا ما قادها مثل الحجاج ومثل يزيد ومثل صدام تنقاد ويكفيها نصف كلمة! ما هذا إلا ضعف الإيمان، ضعف الوعي، عدم البصيرة.

فـي ذلـك الوقـت الذي كانت تثير تلك الحالة دهشة القليل من أصحاب الإمام علي (عليه السلام)، الذين كانوا يعرفون عظمة ذلك الرجل، ثم يندهشون وهم ينظرون إلى تلك المجاميع الكثيرة الشقاق والنفاق والتثبط والتراخي والكلمة المفسدة المثبطة من أطرف منافق فيهم تحطمهم وتجعلهم يتقاعدون، كان هناك مجموعة لكنها كانت قليلة.

وهل أن الإمام علياً (عليه السلام) لم يكن يعمل على أن يصنع لدى الآخرين بصيرة، بل كانت خطبه خطب مهمة جداً، خطب مهمة جداً قادرة على أن تحول الرجال إلى كتل من الحديد، لكنهم أولئك الذين كانوا لا يفتحون آذانهم. هذه هي مشكلة الناس.

أرسل تعليقك:

شاهد المنشورات وشارك | شاهد التعليقات وشارك

آل الكبسي

آل الكبسي*
مدونة تعنى بالإرث الفكري والثقافي والأدبي والفني والإنساني لآل الكبسي في شتى بقاع المعمورة
السادة الزوّار الأهل والأصدقاء أتمنى لكم طيب القراءة والمطالعة.

شاركونا آرائكم
حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً

عدد الزيارات

الأكثر قراءة

كن مع أسرتك وانظم الينا

يتم التشغيل بواسطة Blogger.